قصص حقيقيّة


رياض سركيس - تعال إلى طبيب الروح

بدأتُ بدراسة العلوم الطبيّة في الجامعة اليسوعيَّة، وكان واحد من أهدافي هو معرفة جسد الإنسان وفهمه على نحو دقيق كي أتمكّن من تقديم المساعدة للمرضى من خلال معرفتي تلك. كانت الحرب في لبنان في أوجها، حيث كانت تصل إلى مستشفى الجامعة الأجساد الممزَّقة فيأتي الأهل ليتعرّفوا على أبنائهم.
بدا الوضع مأساويًا، بل أقول شرسًا إلى أبعد حدود. وهنا بدأ يراودني سؤال مهم: "هل انتهت فعلاً قصَّة هذا الإنسان الذي كان بالأمس مفعمًا بالنشاط والحياة، وهو اليوم أمامي ملقًى على طاولة التشريح؟" يعتبر الكثيرون من الناس أنَّ موت الإنسان هو النهاية بالنسبة له، ولكنني كنت أدرك تمام الإدراك أنَّ الذي صنع هذا الإنسان وأعطاه نسمة حياة هو الذي استرجع هذه النسمة بتوقيته. مع مرور الوقت وازدياد العلم، نظن أننا أصبحنا كآلهة نسيطر على الأمور، ولكن حين نتعمّق بالمعرفة أكثر، نكتشف أنّ ثمة أمورًا كثيرة لا نعلمها بعد. وحين نغوص في عمق المعرفة أكثر، نفهم أنّه ينقصنا الكثير الكثير. وإذ نسترسل في العلم، ندرك أننا لا نعرف شيئًا، بل إنّ معرفتنا قليلة جدًا. حينئذٍ ننحني أمام الخالق كالسنبلة التي امتلأت بالغلال. فالتواضع يجعلنا نرفع أعيننا إلى العلاء لنرى بسمة القدير من السماء تُفرح القلب وتنير الدرب.
عندما يبتعد العالِم أو الحكيم أو المفكِّر بكبريائه عن معرفة النعمة الإلهية، يتوه في زوايا الضياع والابتعاد عن الله. لكن حين يمتلئ بالمعرفة الحقَّة وينحني أمام عظمة الخالق والمبدع الأعظم، يلتقي إذ ذاك مَن منحه نسمة الحياة. هذا ما حصل في حياتي بالتمام. فمع أنني وهبت حياتي لخدمة المرضى والمتألِّمين، وظننت أن ذلك فقط يرضي الله، كنت أشعر أن أعمالي كلها "ناشفة". فالعلاج الطبي هو ما يرافق الإنسان إلى القبر ليس إلا. أما الروح فتحتاج إلى ترياق لا يقدِّمه إلا الطبيب السماوي.
ظللت أشعر بالعجز عن مواساة المريض روحيًّا إلى أن غيّرت نعمة المسيح قلبي. إذ ذاك صرت مع تقديم المعرفة لمريضي بغية شفائه، أقدِّم محبة مميّزة تساعده في التغلُّب على مرضه ووجعه، حتى حين يُشفى جسده،يُدرك أنّ هناك ما هو أعظم: سلام القلب، والفرح الدائم المغمورَين بالمحبة التي تأتي إلينا بالروح القدس... هي محبة المسيح التي لا توصف. تلك المحبة التي تغفر الخطايا وتمنح العزاء وتؤتي العلاج الروحي للنفس الضائعة وترافق الإنسان إلى بيته الأبدي. للمرض الجسدي علاجات عديدة نستخدمها كأطباء، ولكنْ لمرض الخطية علاج واحد وحيد ألا وهو لمسة من يد الطبيب العظيم يسوع المسيح فتتغيَّر المقاييس ويتحوَّل المصير، ويغدو الجسد في طمأنينة وسلام مهما اشتدت عليه وطأة المرض. د. رياض سركيس جراحة في الجهاز الهضمي والأمراض السرطانية مدير أبحاث علم الخلايا والجراحة.

لقراءة المزيد اطلب الكتاب وال DVD المجّاني



هل تحتاج القوة المغيرة في حياتك؟